کد مطلب:167955 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:158

روایة اخری اشد صدقا و حرارة
روی ابن أعثم الكوفی: (قال: وسمع مسلم بن عقیل وقع حوافر الخیل وزعقات الرجال فعلم أنّه قد أُتی فی طلبه، فبادر رحمه اللّه الی فرسه فأسرجه وألجمه، وصبّ علیه درعه، وأعتجر بعمامة، وتقلّد بسیفه، والقوم یرمون الدار الحجارة، ویهلبون النّار فی نواحی القصب.

قال: فتبسّم مسلم رحمه اللّه! ثم قال: یا نفس اخرجی إلی الموت الذی لیس منه محیص ولاعنه محید! ثم قال للمراءة: أی رحمك اللّه وجزاك عنّی خیراً، إعلمی أنّما أُوتیت من قبل ابنك! ولكن افتحی الباب.

قال: ففتحت الباب، وخرج مسلم فی وجوه القوم كأنّه أسدٌ مُغضَب!، فجعل یضاربهم بسیفه حتّی قتل منهم جماعة! [1] .


وبلغ ذلك عبیداللّه بن زیاد، فأرسل الی محمّد بن الاشعث وقال: سبحان اللّه یا عبداللّه! بعثناك الی رجل واحد تأتینا به فأثلم (بأصحابك هذه الثلمة العظیمة! فكتب) إلیه محمد بن الاشعث: أیّها الامیر! أما تعلم أنّك بعثتنی إلی أ سدٍ ضرغام، وسیف حسام، فی كفّ بطل همام من آل خیر الانام!؟

قال: فأرسل إلیه عبیداللّه بن زیاد: أن أعطه الامان، فإنك لن تقدر علیه إلاّ بالامان. [2] .

فجعل محمّد بن الاشعث یقول: ویحك یا ابن عقیل! لاتقتل نفسك، لك الامان! ومسلم بن عقیل یقول: لاحاجة إلی أمان الغَدَرَة! ثمّ جعل یقاتلهم وهو یقول:



أقسمت لاأُقتَلُ إلاّ حُرّا

ولو وجدت الموت كأساً مُرّا



أكره أنْ أُخدعَ أو أُغَرّا

كلّ امریء یوماً یُلاقی شرّا



أضربكم ولاأخاف ضُرّا

قال: فناداه محمّد بن الاشعث وقال: ویحك یا ابن عقیل! إنّك لاتُكذب ولاتُغَرّ! القوم لیسوا بقاتلیك فلاتقتل نفسك!




قال: فلم یلتفت مسلم بن عقیل رحمه اللّه إلی كلام ابن الاشعث، وجعل یقاتل حتّی أُثخن بالجراح وضعف عن القتال، وتكاثروا علیه فجعلوا یرمونه بالنبل والحجارة!

فقال مسلم: ویلكم! ما لكم ترموننی بالحجارة كما تُرمی الكفّار!؟ وأنا من أهل بیت الانبیاء الابرار! ویلكم، أما ترعون حقّ رسول اللّه صلّی اللّه علیه وسلّم وذرّیته!؟

قال: ثُمَّ حمل علیهم علی ضعفه فكسرهم! وفرّقهم فی الدروب! ثمّ رجع وأسند ظهره إلی باب دار هناك، فرجع القوم إلیه، فصاح بهم محمّد بن الاشعث: ذروه حتّی أكلّمه بما یُرید.

قال: ثمّ دنا منه ابن الاشعث حتّی وقف قبالته وقال: ویلك یا ابن عقیل! لاتقتل نفسك، أنت آمن ودمك فی عنقی!

فقال له مسلم: أتظنّ یا ابن الاشعث أنّی أُعطی بیدی أبداً وأنا أقدر علی القتال!؟ لاواللّه لاكان ذلك أبداً!

ثمّ حمل علیه حتّی ألحقه بأصحابه، ثمّ رجع إلی موضعه فوقف وقال: أللّهمّ إنّ العطش قد بلغ منّی! فلم یجسر أحد أن یسقیه الماء ولاقَرُبَ منه!

فأقبل ابن الاشعث علی أصحابه وقال: ویلكم! إنّ هذا لهو العار والفشل أن تجزعوا من رجل واحد هذا الجزع! إحملوا علیه بأجمعكم حملة واحدة!

قال: فحملوا علیه وحمل علیهم، فقصده من أهل الكوفة رجل یُقال له بُكیر بن حمران الاحمری، فاختلفا بضربتین فضربه بُكیر ضربة علی شفته العلیا،


وضربه مسلم بن عقیل ضربة فسقط الی الارض قتیلاً [3] .

قال: فطُعن من ورائه طعنة فسقط إلی الارض، فأُخذ أسیراً، ثمّ أُخذ فرسه وسلاحه، وتقدّم رجل من بنی سلیمان یُقال له عبیداللّه بن العبّاس فأخذ عمامته!). [4] .

ونُقل (أنّهم ا حتالوا علیه وحفروا له حفرة عمیقة فی وسط الطریق، وأخفوا رأسها بالدغل والتراب، ثم انطردوا بین یدیه، فوقع بتلك الحفرة، وأحاطوا به، فضربه ابن الاشعث علی محاسن وجهه، فلعب السیف فی عرنین أنفه ومحاجر عینیه حتی بقیت أضراسه تلعب فی فمه! فأوثقوه وأخذوه أسیراً الی ابن زیاد..). [5] .


[1] نقل المجلسي (ره) عن بعض كتب المناقب أنّ مسلم بن عقيل عليه السلام كان مثل الاسد، وكان من قوّته أنّه يأخذ الرجل بيده فيرمي به فوق البيت! (راجع: البحار: 44: 354).

وقال ابن شهرآشوب: أنفذ عبيداللّه عمرو بن حريث المخزومي ومحمّد بن الاشعث في سبعين رجلاً حتي أطافوا بالدار، فحمل مسلم عليهم وهو يقول:



هو الموت فاصنع وَيْكَ ما أنت صانعُ

فأنت لكأس الموت لاشكّ جارعُ



فصبرٌ لامر اللّه جلّ جلاله

فحكم قضاء اللّه في الخلق ذائعُ



فقتل منهم واحداً وأربعين رجلاً!.

[2] ونقل المجلسي (ره) عن كتاب محمد بن أبي طالب أنّه: (لمّا قتل مسلم منهم جماعة كثيرة وبلغ ذلك ابن زياد، أرسل الي محمّد بن الاشعث يقول: بعثناك الي رجل واحد لتأتينا به، فثلم في أصحابك ثلمة عظيمة! فكيف إذا أرسلناك إلي غيره!؟ فأرسل ابن الاشعث: أيها الامير أتظنّ أنّك بعثتني إلي بقّال من بقّالي الكوفة، أو إلي جرمقانيّ من جرامقة الحيرة!؟ أو لم تعلم أيها الامير أنك بعثتني إلي أسدٍ ضرغام، وسيف حسام... فأرسل إليه ابن زياد أن اعطه الامان فإنّك لاتقدر عليه إلاّ به!)، (البحار، 44:354).

[3] المعروف أنّ بُكير لم يُقتل بضربة مسلم بل جُرح جُرحاً منكراً، وهو الذي أمره ابن زياد بقتل مسلم عليه السلام بعد ذلك، كما في تأريخ الطبري والارشاد، لكنّ الدينوري في الاخبار الطوال: 241 ذكر أنّ الذي تولّي ضرب عنق مسلم عليه السلام هو أحمر بن بُكير وليس بُكير نفسه.

[4] الفتوح: 92-96؛ وانظر: مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي، 1:300 302.

[5] منتخب الطريحي: 427، المجلس التاسع من الجزء الثاني.